11‏/11‏/2012

Over Dose :


مما لاشك فيه أن الثورة المصرية صرفت أذهان الناس عن الرياضة والفن . ولأن كل القنوات فى منافسة شديدة وترغب أن تكون الأعلى مشاهدة ولأن منطق التجارة هو السائد فقد تحولت كل القنوات إلى توك شو مفتوح طوال 24 ساعة .  كل البرامج حتى المتخصص منها فى المرأة أو الرياضة طغت عليها أوضاع مصر السياسية  والنتيجة فشل يضاف إلى فشل .
المفترض فى هذه البرامج أن تركز على ما تبث من أجله . ألا يكفينا أنها فى الأصل غائبة – حتى فى تخصصها -  عن أغلبية الشعب المصرى وموجهه لشريحة وحيدة فقط حتى تتحفنا بالتحرش بالسياسة بغير علم لمجرد أن مقدموها لديهم بوقا ؟؟
برامج المرأة غاب عنها الزوجة والأم المصرية التى بالكاد تدبر مصاريف بيتها محاطة ببرامج عن أحدث تسريحات الشعر والملابس وكريمات البشرة وصنع أطباق بواقى اللحوم والدجاج لكنها مثل غيرها تقحم السياسة.
حتى برامج الرياضة بعد تخليها عن الرياضة لحساب كرة القدم فقط والحديث بالساعات تحليلا وتسخينا وتوليعا فى ماتش كورة تخلت عن كرة القدم واقتحمت المعترك السياسى وبقوة وتناست مشاكل الرياضة والعقود والإحتراف والقوانين المنظمة لها أو وكساتنا الكروية العالمية أو فضائح لجاننا الأوليمبية والمزايدات والتوليع انتهى من كرة القدم إلى السياسة وأطيافها وأيدلوجياتها ومسموح بالتعدى والإساءة والتنابذ بالألقاب والسب والقذف (عادى) وكما يقول المثل المصرى "هبلة مسكوها طبلة" المهم أن النتيجة المرجوة هى زيادة الحصيلة الإعلانية والسبوبة . ابتذلت كلمات تبدو كألفاظ مجردة قمة فى الحق والخير والجمال كالشفافية والوطنية والتوافق وغيره وغيره – على الأقل فى نظرى – حين تقال على ألسنة تسعون بالمائة من الإعلاميين والضيوف كذلك وكله باسم مصر التى يبتذلها الجميع.
برامج الطفل مغيبة مضمونا عن طفل له حساب الآن على فيسبوك ويتعامل مع أحدث أجهزة المحمول (أبناء إخوتى مثال) تبث له قصص عقيمة وتصيبه بالتخلف العقلى والهبل لكنها صدقا لا تتحدث فى السياسة مثل غيرها .
الجرعة بلا شك زائدة والتشابه فى الطرح والشكل وتكرار الضيوف . النتيجة إذا لا بد أن تكون معكوسة لأن تلك البرامج تدور فى حلقة مفرغة لا تضع حلا لمشكلة ولا تغلق ملفا ولا يعنيها سوى الإهتمام بالمثير من الأخبار ومثيرى القلق والخوف .
كمثال برنامج طونى خليفة على قناة القاهرة والناس والفقرات التى يقدمها والضيوف الواقعون فى مصيدة قضايا تبدو ساخنة لكنها لا تسمن ولا تغنى من جوع ولا تؤمن من خوف ولا تدفع مجتمعا للأمام ولا تحدث فرقا فى حياة مواطن بسيط لا يشغله سوى لقمة العيش بل تزيد الموقف استقطابا واشتعالا وانقساماوآخرها حلقة – خناقة إن شئت الدقة – الحجاب وفرضيته.
للأسف لا أجد من معدى البرامج قضية ما تحسم دائما الوقت يداهمهم ودائما هناك فاصل إعلانى والمشاهد العادى لا يخرج بشئ ذو قيمة أو يصل فى النهاية إلى رأى هو الأقرب للصواب . لاشئ يحدث من هذا للأسف ونظل ندور فى تلك الحلقة المفرغة والعودة للنقطة صفر ليعاد طرح القضايا من جديد  ونعيد اختراع العجلة مرات ومرات .
فى النهاية لو كل فرد إعلامى طبيب مهندس أيا من كان انشغل بتخصصه بشكل علمى مدروس وصحيح وارتبط بنبض الشارع وفكر فى المستقبل وبحث عن الحلول والإقتراحات لما أصبحنا هكذا .

ليست هناك تعليقات: