20‏/07‏/2012

البحار مرسى


لا أعتقد أن ما يواجهه مرسى حاليا سوف يواجهه أى رئيس تالى له . الرجل جاء من عباءة الإخوان المسلمين ومحملا بمثالبهم وسوء أدائهم السياسى خلال السنةوالنصف الماضيين .  جاء الرجل مواجها ناموسا سياسيا مختلفا عما يحدث فى العالم الديمقراطى الحر من المطالبة بالتخلى عن حزبه وعدم تشكيل وزارة من الأغلبية . جاء الرجل مواجها ظروفا غير مواتية بالمرة لما يمكن أن يواجهه رئيس منتخب فى عالم من المفترض أن يكون محترما. يواجه الرجل بحارا معاكسة تنم عن غرض فى نفس صانعيها وأزمة ثقة صنعها الإخوان أنفسهم .

المجلس العسكرى وإن شئت الدقة مجلس رجال الأعمال المتخفى تحت الزى الرسمى للمؤسسة العسكرية والمكاسب المحققة طوال السنوات الماضية لن يتم التخلى عنها بسهولة فلا بد من وضع العراقيل وافتعال الأزمة تلو الأزمة لإفشال الرجل .

الداخلية والتاريخ الأسود لرجالها أو أشباه رجالها تخشى على نفسها من انحسار سيادتها وتمكنها من رقاب هذا الشعب المسكين . قلقة على كلمة "باشا" التى كانت تقال من أكبر رتبة لأصغر أمين شرطة لا يساوى جناح بعوضة . محتمون وراء أسلحتهم ومدرعاتهم ووراء السلطة التى امتلكوها طوال سنوات أفرغوا فيها سوء طويتهم ومرضهم النفسى على رؤوس الغلابة. لم تنس بعد الدروس التى تلقتها الواحد تلو الآخر بداية من الثورة التى قامت من الأساس ضدها قبل أن تتصاعد الأحداث انتهاءا بأحداث محمد محمود.

أتذكر سؤال استنكارى طرحه على صديق المانى بعد صدور الحكم بتبرئة مساعدى وزير الداخلية فى قضية قتل المتظاهرين متعجبا من القضاءا لمصرى كيف يبرأ القتلة وكان ردى ببساطة مغلفا بمرارة أن المخلوع لم يكن ليظل على عرشه طوال ثلاثون عاما دون أن يفسد مؤسسات الدولة وأن يخترقها الفسدة ويكونوا هم أصحاب القرار فيها . الزحف المقدس للفشلة فى كلية الحقوق ليحتلوا كراسى العمل النيابى والقضائى لمجرد أنهم أبناء القضاة !! فكيف يتوقع من القضاء أن يكون نزيها شريفا يعلى قيمة العدل ؟؟؟؟
محكمة دستورية معين أعضائها من قبل المخلوع وزوجته فكيف يتوقع منهم ولائا لغير النظام الذى أعطاهم مكاسبهم ؟ المحكمة التى أرجعت للرئيس الحق فى حل البرلمان سنة 1990 هى هى نفس المحكمة التى منعت مرسى من نفس الحق فى 2012  ….. الغرض مرض.

التيارات السياسية الأخرى والنخبة وينضم إليهم الإعلام فى مجملها ضد الإخوان لكن هناك فرق بين النقد الإيجابى لتحسين وتطوير الأداء وبين التصيد والتربص والرغبة فى أن يفشل الرئيس رغبة فى إثبات وجهة النظر !!! لا يهم تأخر البلد لا يهم الخسائر المهم ألا أبدو كخبير مخطئ !!!
العمل على الأرض غائب عن عقل أغلب التيارات . هم أضعف وبلا خبرة تقريبا فى العمل بين الناس وفى الشارع والمتشابه منهم للأسف لا اتفاق بينهم. التجمع والكرامة والناصرى والإشتراكيين الثوريين واليسار المصرى كل منهم يغرد بعيدا عن الآخر.
الإعلام لا يرى سوى الإعلانات "السبوبة" فلا بأس من أن تشتعل البرامج باستضافة مثيرى القلق والمشاكل والفتاوى التى ما أنزل الله بها من سلطان ويتوارى العقلاء وأصحاب الفكر الحقيقى أو علماء الدين المستنيرين.

النظام السابق القابع فى كل مواقع اتخاذ القرار حتى تاريخه ولا أدرى سببا لتأخر إعلان الوزارة لتطهير البلاد منهم.

الشارع المثقل بالهموم والمحمل بآمال وأحلام جسام وأمل أن يأتى الصباح بجديد مبهج.

الحل الوحيد أمامه الشفافية والصراحة وعرض ما تم إنجازه بين الوقت والآخر وتوضيح المشاكل والعقبات وطلب العون من الشعب ، الإحتماء بالشعب هو الطريق فقط لو صدقت النية.

05‏/07‏/2012

تنويعات على دراما رمضان !!!


يأتى رمضان وكالعادة تنفجر فى وجوهنا جميعا نافورة مسلسلات لا حصر لها بأبطالها وقصصها على مدار اليوم والساعة وصم الآذان عن دعاوى توزيع الإنتاج على مدار العام طلبا للجودة والإتقان وإن كنت لا أدرى لماذا رمضان تحديدا رغم أن هذا الشهر لم يخلق لمثل هذا لكن والحال كذلك فلا مناص من الحديث عن الدراما فى رمضان .

بعد أن أدارت السينما وجهها لنجومها القدامى – باستثناء عادل إمام – اتجه الجميع للدراما التليفزيونية لم يعترفوا بفشلهم السينمائى وأنهم لم يعودوا نجوما تدر أموالا ولكنهم أتوا إلى التليفزيون ومعهم أسباب فشلهم سينمائيا لينقلوا مساوئ أعمالهم السينمائية للدراما التليفزيونية من حكاية النجم الأوحد المتحكم فى العمل والمواضيع التى تدل على سطحية أفكارها وسطحيتهم بالتبعية وتزداد عدد الحلقات (فتش عن السبوبة) وتزداد الإطالة بلا داع ولا داع كذلك للقلق فلو لم تسعفك الظروف لمشاهدة إحدى الحلقات لا تقلق ستتولى بقية الحلقات عملية تعويضك فلن تشعر بأنه قد فاتك شئ . أذكر أنى مع دراما الراحل القدير أسامة أنور عكاشة لو صدرت منى التفاتة قصيرة بعيدا عن العمل فالنتيجة هى فقدى لمعانى كثيرة ومنطق للتالى من الأحداث .
لا أعمم فهناك أعمال قوية ساهموا بها لكن تظل تعد على أصابع اليد الواحدة.

مع الهجوم المتتالى على ازدياد عدد الحلقات بلا داع والمط والتطويل غير المبرر ظهرت فكرة جيدة على يد ليلى علوى حينما اقتسمت حلقات المسلسل الثلاثين لقصتين مختلفتين وتبعتها الهام شاهين ولا ندرى من سيتبعها هذا العام لكن يعيب الفكرة أن بطل العمل مصر على التواجد طوال الشهر الفضيل غير مكتفى بالخمسة عشرة حلقة فقط.

من الصعب بمكان على ناقد مطلوب منه الحياد أن يشاهد هذا الكم محافظا على ذهنه حاضرا ومتابعا جيدا للأحداث دون خلط بين عمل وآخر .  والصعوبة الأخرى مع تواجد أسماء لامعة تشارك فى هذا السيرك التليفزيونى أن يهمل إحداها خشية الإتهام بالإنحياز لإسم دون الآخر .
والأشد صعوبة لو كان هذا العمل لا يرقى للمستوى الفنى ولا يرقى لإسم بطله أو تاريخه فهنا يظهر الوجه الحقيقى له إما ان يتقبل النقد ويعترف بسوء اختياره وأن الحماس للفكرة طغى على التنفيذ وإما تبدأ حملات الهجوم المكثف وادعاءات بأن النقد غير بناء وأن الناقد موجه ضده ويريد هدمه وأن فكرة مسلسله لم يأت بها الاوائل وكيف بذل جهدا خارقا فى اختيار الموضوع وفريق العمل وكيف بذل هو شخصيا مجهودا جبارا فى الدخول تحت جلد الشخصية على طريقة "خدوهم بالصوت" ناسيا أن جودة الفكرة والموضوع شئ وطريقة العرض والسرد مسألة أخرى فمهما كانت الفكرة عميقة وقوية لكن إن لم توضع فى إطار فنى قوى متماسك فى سرده وسريع بلا قفز وملل فلا معنى لها .

"السينما هى التاريخ" كلمة فقدت معناها ظهرت على ألسن نجومنا القدامى وتابعهم الأحدث ثم تلاهم من لا قيمة فنية لهم فى سلوك ببغائى غريب دون إدراك لماذا قيلت قديما وهل ما زالت تحتفظ بمعناها وقيمتها أم لا.
قالها القدامى لأن الشريط السينمائى وقتها كان هو المصدر الوحيد لمشاهدة إبداع هذا الفنان والحكم عليه لم يكن للدراما التليفزيونية مكان بعد. مع ظهور الدراما التليفزيونية وأصبح لها روادها ونجومها أصبح هناك شريط آخر يحمل إبداعا لا ينكر ربما بقى للسينما لغتها الخاصة وألقها الخاص بلا جدال لكنها ليست التاريخ الوحيد للفنان. يحيى الفخرانى لا يصنف سينمائيا كنجم لكن لا أحد ينكر تألقه التليفزيونى وأنه إحدى علامات دراما رمضان بتنوع أعماله وثراء الشخصيات التى يلعبها من سليم البدرى فى "ليالى الحلمية" إلى عبد المتعال محجوب فى "لا" وسيد عبد الحفيظ فى "الخروج من المأزق" وربيع الحسينى فى "نصف ربيع الآخر" و سيد أوبرا فى "أوبرا عايدة " وغيرها مما لم تسعفنى بها الذاكرة وآخرها "شيخ العرب همام"  ليصبح من الظلم أن يقال أن السينما هى التاريخ الوحيد للفنان.

أكثر ما يسوؤنى فى هذا السيرك الدرامى أنه من المطلوب أن أصدق أحدهم فى أحد أدواره التى يتقمص فيها الطبقة الكادحة والمطحونة أو أحد المقهورين المضطهدين ثم تجده فى الواقع معادى للثورة وأهدافها وفلولى من الدرجة الأولى .

كنا رواد الدراما بلا جدال وفى الدراما التاريخية كانت لنا أيام ولكن للأسف مع تخلى التليفزيون المصرى عن دوره فى الإنتاج وطغيان فكرة المنتج المنفذ توارت الأعمال خجلا من إهمال صانعيها فى مقابل ظهور قوى وكاسح للدراما التاريخية السورية ولم يتبق لنا سوى ذقون عيرة وديكورات فقيرة وأداء بدائى واستسهال (أو استهبال) ولغة عربية أضاعها أهلها وقتلوها على أشرطة الفيديو.
فى تاريخنا الطويل من بداية الدعوة الإسلامية وحتى تاريخه علامات مضيئة فى وسطيتها وفهمها لصحيح الدين أين قصص الأنبياء والصحابة والتابعين ؟ أين قصص علماء المسلمين فى شتى المجالات الذين أضاءوا العالم فتقدم هو وانحدرنا نحن ؟؟!!
تركنا أطفالنا نهبا لقنوات الكارتون بأبطال وهميين للأسف رغم أن فى تاريخنا – وبالتبسيط – نستطيع تقديم قدوة حقيقية وقوية لأطفالنا سواء بالكارتون أ و الصلصال يجد معها خوارق تعاد بالجد والتفكير ويستطيع السير على نهجها ولكن ماذا نفعل فى مواجهة أعمال تفضل الربح واللعب على القلب ولا تناقش العقل ؟؟!!

فى النهاية رمضان شهر للعبادة والتدريب على السلوك القويم لهذا اختر عمل أو اثنين للمشاهدة والإستمتاع وعدم التضييق . تقبل الله طاعاتنا جميعا.