12‏/02‏/2013

إداراتك يا مصر ...



أفقت من شرودى فى ملف لأحد العملاء على صوت زميلة تحتد على أحد العملاء على التليفون وما لفت نظرى أنها ليست من هذا النوع الذى ينفعل بسهولة أو يغضب بل لديها قدرة على التعامل مع الجميع . كان محدثها على الطرف الآخر مدير فى إحدى شركات القطاع العام وكانت تبذل جهدا خرافيا لشرح جزئية فنية فى عملية نقل طرد عالى فى وزنه وأبعاده لكن كل جهودها ذهبت هباء ، وبعد إغلاق الخط أبدت استيائها من التعامل مع عملاء ينتمون إلى القطاع العام فى مصر !!
الموقف ليس جديدا للأسف ولهذا مع كل مأساة تحدث حادث سيارة أو قطار مع تعالى أصوات المكلومين بضرورة تغيير الوزير أو الوزارة بأكملها يأتينى نفس الخاطر "شالو ألضو جابو شاهين" لا فرق لأن العقلية واحدة .
سيقال وزير ليأتى آخر من نفس الإدارة من نفس المنظومة التى تربت على تلقى الأوامر والتعليمات والتصريحات الموروثة من الزمن العتيق تجتر بنفس شكلها وتركيبتها وتنتقل الجمل كاملة بلا أى تجديد أو ابتكار على ألسنتهم الواحد تلو الآخر.
سقط مبارك ولم يسقط عقله وتفكيره المتوغل فى كل مكان فى مصر فما زالت أغلب الإدارت تعتمد على الفاكسات والموظفين لا يعرفون كيفية التعامل مع الكمبيوتر . الروتينية طاغية على كل شئ من أول أصغر موظف إلى أكبرهم.
إعمال العقل معدوم تقريبا والترقى لا يكون إلا بناء على عدد سنوات العمل وقبلها الولاء والسمع والطاعة – ليست قاصرة على الإخوان بالمناسبة – لا يحق لك أن تبدو أذكى من رئيسك وإن اقترحت شيئا لا بد أن تشير أنه هو من أوحى إليك بها حماية لنفسك.
ثقافة أصابت كل قطاعاتنا فى مقتل وهى أن الوصول سن المعاش هو الموت وبالتالى تشبث الكل بالكرسى والعمل على عدم إفراز صف ثانى . أفهم أن يتم التجديد للكفاءات النادرة للإستفادة بها أطول وقت ممكن لكن فى حالتنا تلك اختلط الحابل بالنابل ومن يأتى يمحو ما ما قبله ولا يحاول الإستكمال عليه الأنكى من هذا وهو داخل المسئولية نسمع أنه ليس فى الإمكان أبدع مما كان لكن حال إقالته – لا أحد يستقيل -  يبدأ فى إبداء النصائح لخلفه !!!!
أنا هنا أتحدث عن العقلية لا أتحدث عن مساوئ أخرى كالمحسوبية والوساطة والرشوة .
الأمر لا يقتصر فقط على القطاع العام بل ممتد إلى 92% من القطاع الخاص فى مصر والمفترض أنه لا يدار بنفس أسلوب القطاع العام بل يعتمد على الكفاءة والإبتكار والإضافة لكن الحقيقة والواقع أنها تدار بشكل أشد جهلا من القطاع العام كل صاحب شركة لا بد أن يورث كرسيه لولده لا يهم هنا إن كان يدرك معنى الإدارة كعلم وكفن أم لا فهو لا يأتمن غيره وعلى العاملين الإنصياع وإلا المبدأ الشهير إذهب وسنأتى بغيرك بأقل من مرتبك .
أهل الثقة هو المبدأ السائد لا غير وإذا وجدت أهل الكفاءة فتأكد أن أصحاب الشركة قابلون بها مرحليا لحين توفير بديل بمرتب أقل لشعور فى العقل الباطن أن تلك الكفاءة تعتبر مهدد للشركة بثقتها فى إمكانياتها لأنها تفرض وجهة نظرها وطلباتها مجابة مما يعد من وجهة نظر الإدارة تعدى على سلطاتها فى اتخاذ القرار وقيادة الشركة .
الصور قاتمة فعلا إلا من رحم ربى قلة هم من يعرفون كيف يديرون ويفصلون بين الملكية والتمويل وبين إدارة المشروع أو الشركة والإعتماد على بيوت الخبرة فى كل مرحة وتعيين الكفؤ بل والبحث عنه والتمسك به.
مصر تم تجريفها بصورة مذهلة من عقولها الهاربة إلى الخارج الرحب المتسع لكل ذى فكرة واختراع يفيد ويطور ونحن تفرغنا للجدل والتناحر فيبدو أن كم الكره الذى نحمله لبعضنا البعض غيب عقول الجميع ، تسونامى الفشل يجتاح الجميع وبالذات القيادات ولا يوجد ولو طرف واحد يتمتع بالكفاءة والفاعلية .
لهذا حتى ينصلح حال كل مؤسسات الدولة لا بد من التفكير خارج الصندوق . البحث عن الأفكار بين الشباب بل والأطفال والإستماع لهم ولاقتراحاتهم . الإستعانة بالخبرات المصرية المهاجرة أو ببيوت الخبرة العالمية أو بتجارب الدول التى واجهت نفس الظروف لان مستوى التعليم فى بلادى لا يسر حبيب والعدو هانئ بما وصلنا إليه فلا يحتاج ليضع خططا ويجند فنحن نفعل بأنفسنا ما يريد وأكثر .