03‏/10‏/2012

تجار الإعلام ملوك الهواء ...... رد على إبراهيم عيسى



فى مقالة لإبراهيم عيسى عدد التحرير يوم 1 أكتوبر 2012  والتى عنونها بــ "تجار الدين ملوك السوق" هاجم مستغلى الدين لأغراض شخصية دنوية ولعبهم فى عقول البسطاء وما قاله عن الإخوان فى مقاله هذا فالإخوان أولى منى بالرد عليه ولست هنا لأتفق أو أختلف على نظرته تلك للإخوان ولكن ما يعنينى هو الختام الخاص بمقاله والمعنى الذى يرمى إليه لأنه ينبئ عن غرض خبيث لم تخطؤه عينى فالرفض المطلق للشريعة هو الهدف الأساسى من تدبيج هذا المقال فقد دأب الصحفى الكبير على اقتطاع فترات انحدار وانكسار الدولة الإسلامية ليستشهد بها و ليبرر لنفسه رفضه للشريعة بشكل مطلق ونهائى. يتعامى عن فترة حكم عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز الذان طبقا الشرع والدين وروح النصوص كأفضل ما يكون التطبيق طبعا من المتوقع أن يقال أين نحن من هاتين القامتين وهذه كلمة حق يراد بها باطل لأنه من المفترض أنهم قدوة ولم يفعلوا المستحيل بل ببساطة طبقوا الشريعة وروح النصوص.  يتعامى عن فترات ازدهار الخلافة الإسلامية كالخلافة العباسية فى أوجها التى علمت الغرب . تلك الفترة التى فهم (بضم الفاء) فيها الإسلام كدين علم وعمل فسادوا بقاع الأرض والتاريخ يشهد كيف تعامل رجال دين تلك المرحلة القوية مع الشاعر ابو نواس سواء من ناحية سلوكه أو من ناحية شعره الماجن والفاجر فقد تجاهلوه ولم يقيموا عليه الحد ولم يطالبوا حتى بسجنه لن أتحدث هنا عن توبته قبل وفاته فليس هذا محله الآن .
الأمثلة التى حفل بها مقاله ليست لها علاقة بتطبيق الشريعة ولكن بالصراع على السلطة وهذا ما يحدث عادة فى فترات تخلف الأمم "اللى تغلب به العب به" وكل أمة حسب الورقة الرابحة لديها ويشاء حظنا العاثر أن الورقة الرابحة دوما وأبدا هى الدين لكن ليس معنى هذا أن ترفض الشريعة إجمالا بسبب المتطرفين فى تفسيرها والجهلة وأصحاب الفكر السطحى الشكلى الذى دأب إبراهيم عيسى على فرد صفحة داخل جريدة التحرير عنهم لا هم لها إلا نشر التصريحات والآراء والفتاوى الشاذة من المحسوبين على التيارات الإسلامية التى تسكب الزيت على النار دون الإستعانة – متعمدا - بعلماء الأزهر الدارسين والفقهاء الوسطيين (د. سعد الدين الهلالى كمثال) للرد على تلك السخافات وتفنيدها. كان لا بد أن تفتح القنوات وتفرد الصفحات فى حملة دائمة ومستمرة لعلماء الأزهر الشريف وفقهائه ولجان الفتوى فيه وطرح كل القضايا والمسائل الخلافية بما فيها فتاوى هؤلاء المتهورين والموتورين لأخذ رأيهم فيها والفصل بين الأمور التى هى من صميم الشرع والأمور التى هى من شئون الدنيا والتى يعتبر الإجتهاد فيها فرض عين وعلى الجميع فى كل المجالات لكنه لم يفعل ولن يفعل للغرض ذاته وهو الرفض التام للشريعة .
لطالما تحدث فى مقالاته السابقة سواء أيام المخلوع أو حتى بعد الثورة عن استغلال الدين للمصالح الشخصية لكن فى نهاية مقاله أدان الشريعة التى لم تمنع فسادا أو تنصف مظلوما ضاربا أمثلة للدول التى تدعى إسلاميتها وهى فى حقيقة الأمر بعيدة عنه ولا يضرب المثل بماليزيا أو تركيا التى يعد نهوضهما وقوة اقتصادهما مثالا وهو هنا يلوى معانى الكلمات والحقائق  لأن سبب كل هذا ليس "تطبيق" الشريعة ولكن "تعطيل"  الشريعة الحقة السمحة لتبرير البقاء على كراسى السلطة فلطالما طالب الصحفى الكبير بأزهر قوى أمام الفسدة من الحكام وفى مواجهة مشايخ الفضائيات الجهلاء ولطالما هاجم الشعب الخاضع الخانع للسلطة ولا يقول كلمة الحق فى وجه سلطان جائر ولطالما تحدث عن عدم فهم الناس لصحيح الدين الذى يدفعهم لرفض الظلم وطلب الحق فى الحياة ولكن عندما جد الجد انحرف 360 درجة محملا مطلب تطبيق الشريعة كل الموبقات رغم علمه أن الشريعة ليست حكرا على فريق يفسره كما يريد كما كتب كثيرا فى السابق إلا أنه يناقض نفسه هنا وينسب الشريعة لفريق بعينه !!!
مثلما يتلاعب مشايخ الفضائيات والمتطرفين والجهلاء بمشاعر الناس البسيطة دينيا زاعمين أن غيرهم من غير المنتمين لهم كفار فإن الكاتب الكبير يتلاعب بمشاعر بعض الجاهلين بدينهم والخائفين من التيارات الدينية ليبرر رفض الشريعة بشكل تام ومطلق وهذه ليست موضوعية على الإطلاق .
الأزهر بعلمائه وفقهائه لابد أن يكون هو المرجعية الأولى والوحيدة للفتوى . هونفسه الأزهر الذى ينتمى إليه عماد عفت ومظهر شاهين . هو الأزهر صاحب الوثيقة التى أحدثت توافقا عاما لدى كل التيارات على اختلافها فى مصر حتى أصحاب العقائد الأخرى لكن ليس معنى هذا أننا نريد أن يتحول الأزهر لسلطة دينية محصنة أو ولاية فقيه كما هوالحال فى إيران ولكن نريد جهة وسطية علماء بحق معتمدة تكون لها المرجعية فى مواجهة المتطرفين وتجار الدين وتوجه فساد تأويل وتفسير النصوص وكذلك فى مواجهة الرافضين لشرع الله الحقيقى وروح الإسلام الحقيقية التى أعطت حتى الجماد حقه فى الوجود علما بأن رفض الشريعة فى المطلق لن يحل المسألة قدر ما سيزيد الإحتقانات لأن الهجوم سيواجه بهجوم أشد عنفا وأكثر تطرفا.

هناك تعليق واحد:

Alaa Omar يقول...

تعجبنى مقالاتك كثيرا استاذة صفية لكن اسمحى لى بالاختلاف معك كثيرا فيما كتبتيه ورغم حبى لابراهيم عيسى فهذا ليس دفاعا عنه وانما توضيح بعض الحقائق التى لمستها من خلال قراءتى له وكذلك افكارى الشخصية اولا موقف ابراهيم عيسى من الشريعة واضح فى مقال كتبه بعنوان شريعة مصر الاسلاميه http://www.akhbarak.net/articles/7904840-%D8%A5%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%8A%D9%85_%D8%B9%D9%8A%D8%B3%D9%89_%D9%8A%D9%83%D8%AA%D8%A8_%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D8%B9%D8%A9_%D9%85%D8%B5%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9! وده رابط المقال وبعد ما بيعرف الشريعة بيقول انها مطبقة فى مصر الا قليلا وانتى لاتنكرى مثلا ان قوانين الاحوال الشخصية كلها مطابقة للشريعة كالزواج والمواريث الخ والقليل الغير المطبق هو الحدود والغالبية العظمى من العلماء تقول ان المجتمع غير مهيا لتطبيقها الان مع ذلك الارتفاع المخيف فى معدلات الفقر وهذا الكم من المشاكل المحيطة بالمجتمع ثانيا استشهادك بفترى حكم العمرين فقط بحجة فهمهم صحيح الشريعة تؤكد كلامه ان فترات الازدهار السياسى فى الامة الاسلامية قليلة والامر ليس له علاقة بالشريعة اطلاقا فالشريعة كانت مطبقى فى عهد الخلفاء الراشدين والدولتين الاموية والعباسية بالمعنى المتعارف عليه ورغم ذلك لم تمنع الحروب الاهلية بمعناها السياسى فى عهد الخليفتين ابو بكر وعلى وطوال الدولة الاموية والعباسية بل لم تمنع اغتيال خليفتين كسيدنا عثمان وسيدنا على ولو صحت الروايات يضاف اليهم سيدنا عمر ابن عبد العزيز ورغم ان الدولة الاموية كانت مزدهرة وتقوم بفتح البلاد للدعوة الاسلامية وكانت تطبق الشرع بمفهوم من يدعوا اليه الان لم يمنع كل ذلك من الانقضاض عليها من قبل العباسيين واقامة خلافتهم المقصود من هذا كله ان الشريعة لا دخل لها اطلاقا بما كان يحدث فى الخلافات الاسلامية وانما هى استبداد هؤلاء الحكام فابستثناء الخلافاء الراشدين الخمسة كلهم تولوا الحكم بنسبهم وليس لكفائتهم او حتى تدينهم وذلك فى رايى لان الشريعة الاسلامية لم تات بنظام حكم معين وانما تركته للظروف وتغير طباع المجتمعات والازمنة وهذا هو جوهر الصراع الان حول الشريعة فالامر يتعدى الاحكام وحتى الحدود ومسالة ربوية قرض البنك الدولى قبل حكم مرسى وبعده اكبر دليل بل ويجبنى صراحة السلفيين حينما يدعون الى تطبيق نظام الخلافة باعتباره من الشرع ويتم استغلال جهل الناس وتمريره من خلال كلمة تطبيق الشريعة الاسلامية باعتبارها سيف مسلط على رقاب كل من يعارض نظامهم السياسى وهو الخلافة وما ادراكى ما الخلافة من حكم مدى الحياة وتحريم الخروج على الحاكم وترشيح الحاكم من هيئة من العلماء (اهل الحل والعقد) الخ واعتبار الديموقراطية كفر وكذلك كل المذاهب السياسية كالليبرالية واليسارية وغيرها يجب الانتباه لما يقال وليس كل ما يقال باسم الدين يراد به وجه الله يا صفية واذكرك بان جيش معاوية حين ايقن ببالهزيمة امام جيس على رفعوا المصاحف على اسنة الرماح وطالبوا بتحكيم القراءن !!!!!!!حاولت قدر المستطاع الاختصار واسف للاطالى