31‏/03‏/2012

الإسلام هو الحل .... (1)


مقالة تأخرت كثيرا ، بل تأخرت لسنوات . لكنها كانت تلح على بشكل غريب  فأنا على يقين تام أن الإسلام هو الحل ولكن ليس على طريقة الإخوان المسلمين بل على طريقة عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز . الإسلام على طريقة هارون الرشيد وعلماء الدولة العباسية فى كل المجالات . إسلام الناصر صلاح الدين الكردى محرر بيت المقدس . إسلام فاتحى الأندلس . إسلام العز بن عبد السلام . إسلام محمد عبده ومحمد الغزالى والشعراوى . إسلام من أعلوا قيمة العلم والدراسة فى الدين الإسلامى وعلومه وغيره من علوم إعمار الأرض كما أراد الله وأهملوا (بضم الألف) بفعل فاعل لحساب أصحاب الجهل القادمون من أزمنة عفى عليها الزمن ليس بسبب تغير الأوضاع وتطورها فقط ولكنها أزمنة التخلف والإنحدار وانحسار المد الإسلامى الحضارى . إسلام جعل اللغة العربية مطلوبة من الغرب المتأخر حتى ينقل ويترجم عن علماء الدولة الإسلامية ، وليس إسلام تخلف ورجعية والتزام بالشكليات جعلتنا عالة على العالم المتقدم وجعلتنا مستهلكين لما ينتجه (من الإبرة إلى الصاروخ) وفى النهاية لا يملك هؤلاء المتأسلمين سوى اتهام الغرب بالإنحلال والكفر ورسم الخطط وتدبير المؤامرات ضد الإسلام والمسلمين ولا يدركون أن هذا الغرب هو من أنتج لهم السيارات وأجهزة الكمبيوتر والمحمول التى يجلسون خلف شاشاتها ليصبوا لعناتهم عليهم ولا يدركون أنهم أكبر معول هدم وأكبر معاون لنجاح تلك المؤامرات بسبب الجهل الدينى والتخلف الدعوى والبعد عن الأخذ بأسباب التقدم والحضارة.
المقدمة طالت لكن كان لابد منها قبل الدخول فى ضرب الأمثلة للدولة الإسلامية المثلى ولتكن البداية بعمر بن الخطاب . لماذا عمر بن الخطاب ؟  لأنه أول من أسس لمفهوم الدولة فى الإسلام فقد كانت مرحلة الرسول (ص) مرحلة التربية والتعليم مرحلة تزكية الصحابة وتنقية النفوس من مساوئ الجاهلية مرحلة التدريب والتخلص من آثار الشرك لصالح العبودية الخالصة لله . أما أبو بكر الصديق فكانت مرحلة تثبيت الدعوة والتماسك بعد غياب المعلم الأعظم ليأتى عمر بن الخطاب ليحدث نقلة هائلة ويؤسس للحاكم كما يجب ان يكون .
حين تقول لأحدهم نريد عمر بن الخطاب يقولون لك مستحيل فهل فينا عمر وهل نحن كالصحابة ؟ سؤال يبدو قويا ومفحم لكن مع التدقيق البسيط نجد أنها كلمة حق يراد بها باطل أولا  لأن الصحابة الكرام كانوا متمركزين فى المدينة والبعض ترك المدينة مع الفتوحات واستقروا فى البلاد المفتوحة التى كان أهلها بالطبع حديثى العهد بالإسلام لكن عدله ورعايته شملت الجميع حديثهم وقديمهم دون تفرقة وشملت أهل الذمة كذلك حتى الحيوانات التى خشى عليها أن تتعثر بسبب عدم تمهيده الطريق .
لن أعيد قصصا قديمة طالما سمعناها وانبهرنا بها عن جولاته الليلية فى المدينة فقط سأعيد على مسامعكم مقولته الخالدة  "لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها" بلا كبر أو ثقة بأنه لا يخطئ إستنادا إلى مقولة الرسول (ص) إن الله قد أجرى الحق على لسان عمر والتى كانت كفيلة بأن يفعل ما يشاء كيفما شاء بلا محاسبة لكن ليس عمر من يفعلها ولا الصحابة كانوا ليقبلوا بمنحه ضوءا أخضر دون مراجعة أو يقوموه إن أخطأ ولو بحد السيف .
لكنى سأتناول ملامح معينة ربما تعيننا على فهم كيف تخلى من ملك الدنيا عنها طمعا فى الآخرة . رجل وصفه فى كتب اليهود "هامة عالية وثوب مرقع"  نعم ثوب مرقع بالفعل ولا نزيد . رأس الدولة يتراجع أمام  إمرأة فى مسألة المهور دون أن تنتفض عروقه سخرية وتقليلا من شأنها كونها إمرأة تجرأت وناقشت ، لاحظ أنهم فى زمننا هذا ينظرون إليها ككائن ناقص لابد من الوصاية عليها حتى لا تنحرف أو تخطئ لكن فى حالة عمر هى العودة للحق دون النظر لقائله . يذكر أن عمر بن الخطاب اباح الإقتراض من بيت المال لاستثماره وكانت أول مقترضة هى هند بنت عتبة .
أمير المؤمنين يزوج ابنه لإبنة بائعة لبن دون التطرق لأحاديث مثل عدم لياقتها إجتماعيا لتنال شرف الزواج بابن أمير المؤمنين أو على الأقل يزوجه بابنة أحد ولاته على الأمصار أو ابنة أحد ملوك العالم القديم . هل تذكرون الإخوانى الذى يجب أن يتزوج إخوانية ؟ ما أوسع الهوة وبعد المسافات .
معلومة (على الماشى) يذكر أن السيدة سكينة حفيدة رسول الله (ص)  ضمنت عقد زواجها شرطا ألا يتزوج رجلها عليها ليأتى جهلاء اليوم لينكروا عليها ذلك بل يريدون تكبيلها برباط زواج رغما عنها إن هى أرادت خلعا .
أمير المؤمنين يقتص لقبطى ظلمه واليه على مصر . أمير المؤمنين يعفى أهل الذمة عجائزهم وشيوخهم أطفالهم ونسائهم من الجزية دون تقليل من عقائدهم أو السخرية منها هو العدل وفقط لأنه أيما كان العدل فثم شرع الله .
أما كيف يبدأ الحاكم بنفسه فهذا محور المقال التالى.

ليست هناك تعليقات: